بيدرسن في دمشق مجدداً... عبث سياسي لتأجيل إعلان الفشل

بيدرسن في دمشق مجدداً... عبث سياسي لتأجيل إعلان الفشل

29 نوفمبر 2021
سيلتقي بيدرسن في دمشق المقداد (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

يبذل المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسن جهوداً جديدة لتمهيد الطريق أمام جولة سابعة من مفاوضات اللجنة الدستورية، المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، لكن من غير المتوقع أن تفضي إلى نتائج، لا سيما بعدما أظهرت مجريات الجولة السادسة استمرار النظام في مراوغته، وعدم نيّته الانخراط في أي حل سياسي حقيقي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.
ونقلت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أمس الأحد، عن "مصادر دبلوماسية عربية في دمشق" قولها إنه من المقرر وصول بيدرسن، غداً الثلاثاء، في زيارة إلى العاصمة السورية تستمر يومين. وبيّنت المصادر أن المبعوث الأممي سيلتقي وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، "للبحث في إمكانية عقد جولة سابعة من اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور في جنيف، قبل نهاية هذا العام". إلا أن المصادر رجحت أن يتم تأجيل هذه الجولة إلى ما بعد أعياد الميلاد ورأس السنة، وربما إلى مطلع فبراير/ شباط المقبل، وفق الصحيفة.

توقع يحيى العريضي انعقاد الجولة المقبلة من مباحثات اللجنة الدستورية في النصف الثاني من ديسمبر

وكان المبعوث الأممي قد تباحث هاتفياً السبت الماضي مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي العملية السياسية في سورية. من جانبه، توقع يحيى العريضي، وهو المتحدث باسم هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، التي تشرف على سير العملية التفاوضية من طرف المعارضة، انعقاد الجولة المقبلة من مباحثات اللجنة الدستورية في النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وحول الأثر المتوقع لزيارة بيدرسن إلى دمشق على العملية السياسية، أشار العريضي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "من الممكن أن تؤدي دوراً في تحريك هذه العملية"، مضيفاً: "ولكن بتثاقل ومن دون وضع النقاط على الحروف، سيكون حراكاً بلا نتيجة".
وكانت اللجنة الدستورية المشكلة من النظام والمعارضة والمجتمع المدني، والمنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، قد عقدت في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي جولة سادسة، انتهت بالفشل كسابقاتها. ويسود اعتقاد بأن الأمم المتحدة تحاول ترحيل الإعلان عن فشلها بإيجاد حلول للقضية السورية بسبب تعنّت النظام، نظراً لغياب بدائل، خصوصاً أن مسار أستانة التفاوضي لم يستطع، هو الآخر، دفع النظام إلى التعاطي الإيجابي مع جهود إيجاد تسوية للصراع في البلاد. وأوضح مصدر في وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات اللجنة الدستورية، فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن محاولات المبعوث الأممي لإحياء اللجنة الدستورية "بلا فائدة". 

ولفت إلى أن "النظام لا يمكن أن يعطي شيئاً من سلطته، لأنه قائم على جمع السلطات كلها بيده، وأي تنازل، ولو بسيطاً، كفيل بزعزعته ومن ثم سقوطه". ووفقاً للمصدر فإنّ "النظام يستغل اللجنة الدستورية لصالحه، إذ منع المبعوث الأممي من زيارة دمشق قبل أن يطالب برفع العقوبات الدولية المفروضة على النظام، وهذا ما حدث في أعمال الجولة السادسة". يذكر أن بيدرسن كان قد أدلى بتصريحات صحافية، أخيراً، حذّر فيها من أن الاقتصاد السوري يتهاوى نتيجة العقوبات، التي قال إنها تزيد من صعوبة إعادة البناء في البلاد، داعياً المجتمع الدولي إلى تحقيق تقدم في مسار العملية السلمية في سورية.
وبيّن المصدر أنه "ليس من صلاحيات ومهام المبعوث الأممي الحديث عن قضايا لا تخص العملية السياسية القائمة على قرارات دولية واضحة، وأبرزها القرار 2254"، لافتاً إلى أن بيدرسن، في إحاطاته المتكررة لمجلس الأمن الدولي، يضع مسؤولية الفشل على عاتق النظام والمعارضة، مع إدراكه أن النظام هو من يعرقل جهود الأمم المتحدة. وأشار إلى أن "المبعوث الأممي يميل دائماً إلى جانب النظام كي يستمر في مهمته، وفي وظيفته الأممية". وأضاف "للأسف المجتمع الدولي غير مكترث بمأساة السوريين بعد مرور أكثر من 10 سنوات على حدوثها، لذا لا يدفع على الإطلاق باتجاه إحداث اختراق مهم في العملية السياسية". وقال المصدر إنه لا أمل على الإطلاق من اللجنة الدستورية، ولن نتقدم خطوة على طريق كتابة الدستور، ولو بعد سنوات، لأن النظام في وادٍ آخر بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية، والمعارضة السورية تدرك ذلك، ولكن لا خيار أمامها إلا الاستمرار في هذا المسار كي يبقى لها تأثير، ولو بسيطاً، في المشهد السوري.

مصدر في المعارضة: النظام لا يمكن أن يعطي شيئاً من سلطته

وتوقع المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن يقابل مسؤولو النظام "بيدرسن بمحاضرات عن السيادة الوطنية"، موضحاً أنه بسبب ذلك فإنه ليست هناك أية توقعات بحدوث اختراق على أي صعيد على مستوى العملية السياسية. وكانت قد عُقدت منذ أواخر 2019 ست جولات من أعمال اللجنة الدستورية، التي أقرت من قبل الأمم المتحدة في عام 2017. إلا أن نتائج هذه الجولات كانت صفراً، بسبب عدم وجود ضغوط دولية جدية على النظام للذهاب بعيداً في العملية السياسية. ويعتمد وفد النظام السوري إلى جولات اللجنة الدستورية أسلوب المماطلة لحرف اللجنة عن مهامها الرئيسية، وعدم الانتقال من مرحلة النقاش إلى صياغة مواد دستور كانت الأمم المتحدة تخطط لكتابته منذ عدة سنوات. وتضم الهيئة الموسعة لهذه اللجنة 150 عضواً بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، انبثقت منها لجنة مصغرة (هدفها صياغة الدستور) من 45 عضواً، بواقع 15 من كل مجموعة، تتخذ قراراتها بموافقة 75 في المائة من أعضائها، وبرئاسة مشتركة من النظام والمعارضة.

المساهمون